دِلالةُ اللّونِ الأزرقِ في شعرِ محمّدِ عمرانَ
الملخص
يشكّلُ اللّونُ في معجمِ محمّدِ عمرانَ الشعريّ ملمحاً مهمّاً, إذْ يحتفي (عمرانُ) بهِ كثيراً, فقلّما نجدُ قصيدةً إلّا ووظَّفَ فيها مجموعةً من الألوانِ, فهو ابنُ قريةِ الملّاجةِ نشأ, وترعرعَ في أحضانِ الطبيعةِ, وفُتِنَ بها ولا عجبَ أن تنعكسَ ألوانُها الزاهيةُ في إبداعِهِ الشعريّ, وحضورُ الألوانِ في شعرِهِ ليسَ أمراً اعتباطيّاً؛ لأنّ اللّونَ يمتلكُ شيفرةً لغويّةً خاصّةً تُمارسُ دورَها في إنتاجِ لعبةِ المعنى, وتشكيلِ مقولاتٍ دلاليّة متنوّعة في النّصوصِ المدروسةِ, زدْ على ذلكَ فإنّ السياقاتِ اللونيّةَ في نصوصِهِ الشعريّةِ تُعَدُّ بمنزلةِ نسقٍ إبداعيّ ذي طبقةٍ أدائيّةٍ عاليّةٍ, ينهضُ بمهمّةِ أداءِ الرسالةِ الأدبيّةِ, وتحقيقِ الهدفِ المنشودِ من النّصّ؛ لذا يهدفُ البحثُ إلى دراسةِ جماليّةِ الظاهرةِ اللّونيّةِ في إبداعِ (محمّد عمرانَ) الشّعريّ من خلالِ اللونِ الأزرقِ, بعدَ إجراءِ عمليّةٍ إحصائيّةٍ أحصَتْ المفرداتِ التي صرّحَ فيها بلفظ الأزرق وهي(172) مرّةً, وقد اعتمدَ البحثُ المنهجَ الفنيَّ الجماليَّ, واستفدنا مِن أدواتِ المنهجِ السيميائيّ, ولاسيّما في أثناءِ تتبّعِ الدّلالاتِ, ومحاولة ربطها بالسّياقِ العامّ للنّصّ. وتوصّلَ البحثُ إلى مجموعةٍ من النتائج؛ ولعلّ من أهمّها أنّ الأزرقَ وُظِّفَ في شعرِهِ وفقَ نمطين الأوّل: بدلالتهِ الأحاديّة التي توزَّعَتْ إلى إيجابيّةٍ تارةً, وسلبيةٍ تارةً أخرى, ومنها: دِلالةُ العداوة والمكر, والثبات الطويل على الموقف, , والموت والدّمار. والثاني: بدلالتِهِ الثنائيّةِ, وقد توسَّلَ (عمرانُ) بتقنياتِ الانزياحِ, والترميزِ, والثنائياتِ الضديّةِ في توظيفِهِ للونِ الأزرقِ, فثمّة ثنائيّةٍ ضديّةٍ بينَ اللونين الأزرق والأحمر, والأزرق والأسود التي أحالَتْ في شعرِهِ إلى ثنائيّاتِ الحياةِ/الموتِ, والحلم/الواقع, ونجدُ أنّ شاعرَنا ينتصرُ للحياةِ والحلمِ بالحريّةِ والاشتراكيّةِ وتغييرِ العالمِ, فبقيَ يحملُ همومَ الوطنِ مسكوناً بالهمَّينِ الوطنيّ والقومي, وهكذا فلم يبتعدْ توظيفُ الأزرقِ بدلالاتهِ الأحاديّةِ والثنائيّةِ في شعرِهِ عن السياقِ الوطنيّ الملتاع وقضاياهُ.