أنساق اللّون والعبودية في شعر عنترة بن شدادقراءة ثقافية
الملخص
تؤدي الألوان في الشعر الجاهلي أدواراً وظيفية حيوية في إظهار الأنساق الثقافية في مضمرات النّص الشعري, وتعين على خلق صور فنية تكشف عن أفكار الشعراء الجاهليين حيال قضايا الوجود والصراع فيه, وتوضح رؤيتهم عن هذا الصراع, ومواقفهم العميقة منه, ويقدّم شعر عنترة بن شداد نموذجاً مثالياً عن هذه الوظائف الفاعلة لأنساق اللّون في مشاهد العبودية والبطولة من أجل تشكيل نسق فردي جديد يواجه النسق الثقافي الجمعي الاستعلائي المضاد, الذي يرى السواد عاراً ينتقص من قيمة الإنسان, ويكون مدعاة لازدرائه, وهذا ما يخلق في البنية النّصبة في شعره جدلية تقوم على ثنائية ضدية بين السواد والبياض, يسعى عنترة من خلال توظيفه اللّون في مشاهد البطولة إلى كشف عيوب هذا النسق الثقافي الجمعي, وتصحيح مواقفه ومفاهيمه السالبة ضد طبقة العبيد, وصياغة رؤية متوازنة من خلال نسقه الفردي الرافض, وخلق مفهوم إنساني عادل تكون قيمة الإنسان فيه مبنية على الفعل البطولي, والأخلاق النبيلة لا على لون البشرة.