إسهامات مثقفي الشتات في نقد ما بعد الاستعمار
الملخص
خطابُ ما بعد الاستعمار يتمثّل في استحضارِ ثقافاتِ العالمِ الثالثِ في الفضاء الغربيّ الأكاديميّ، وذلك من خلال رُوَّاد هذه النظريّة الذين أعادوا بلورتها بوحيٍ من ثقافات مواطنهم الأصليّة مستعيدين تاريخها، فقد شكّلت الهيمنةُ الغربيّةُ موضوعاً لأطرِ بحثيّةِ وإبستمولوجيّةِ عدّةِ، وتتحدّد أهمية البحث في محاولته تسليط الضوء على أعلام نقد ما بعد الاستعمار وأُطرهم النظريّة، ويتحدّد الهدف الرئيسي للبحث في عرض الممارسات الثقافيّة التي قاموا بها، ويجمع البحث بين المنهج الاستقرائيّ والمقاربة التأويليّة، وذلك تبعاً لمقتضيات البحث، وطرح البحث تساؤلات عدّة، منها: لماذا بعد انتهاء الاستعمار بعقودٍ عدّةٍ ما تزال المعارف التي عمّمها حاضرةً دائماً؟ و لماذا لم يتزامن إنهاء الاستعمار السياسيّ/العسكريّ مع إنهاء الاستعمار المعرفيّ/ الثقافيّ؟ ردّاً على هذه الأسئلة، حاول أعلام نقد ما بعد الاستعمار إعادة النّظر في منعكسات الاستعمار على الفكر والثقافة في البلدان المستعمَرة، وقد قُسّم البحث إلى: المبحث الأول: نقد ما بعد الاستعمار، والمبحث الثاني: مراحل نقد ما بعد الاستعمار، والمبحث الثالث: خصائص نقد ما بعد الاستعمار، والمبحث الرابع: الإسهامات المعرفيّة لـ رواد النظرية، وقد تطرّق البحث إلى هومي بابا وغاياتري شاكرافورتي سبيفاك وآنيا لومبا وبيل أشكروفت وجاك دريدا.
وتوصل البحث إلى عددٍ من النتائج، لعلّ من أبرزها:
- يتحدَّد هدف نقد ما بعد الاستعمار في الاستماع إلى أصوات المضطهدين المستعمَرين في ظلِّ خطاباتٍ، طغى فيها صوت المستعمِرين، كما يسعى لإظهار أنّ الاستعمارَ مخاتلٌ، إذ لا يقترن وجوده بالواقع العسكريّ والسياسيّ فحسب، وإنّما يمتدُّ إلى وعي الشعوب لذاتها وإدراكها لها.
- من أهمّ ميزات نقد ما بعد الاستعمار أنّه نشأ بين مثقَّفي الشتات الموجودين في الجامعات الأميركيّة التي تشكّل رمزاً للهيمنةِ الفكريّةِ الغربيّةِ المعاصرةِ.